الأحد، 2 نوفمبر 2008

الحياة الثانية .. الاستنساخ الحلال



أعتذر عن الغياب وذلك لظروف السفر
وأقدم لكم موضوع جديد استمتعت وأنا أقوم بإعداده
وأتمنى أن تشاركوني بآرائكم وتعليقاتكم عليه
لأنه أخذ مني مجهود جبار حتى يخرج بتلك الصورة


_____________________



هل يمكن أن نحيا الحياة الثانية "Second Life ".. كيف ؟ وما هي؟ أين توجد؟ هل نذهب إليها بلا عودة؟ إنها أسئلة تطل برأسها منذ أن قررت تتبع هذا العالم لمحاولة استكشاف تلك القارة الرقمية التي تعج بالبشر ذلك العالم الافتراضي الذي يتيح لسكانه بناء حياتهم الخاصة بداخله بالشكل الذي يرغبون فيه منذ أن فتح أبوابه عام 2003 قبل أن تنتشر الشبكة بشكل فاق الوصف حيث يبلغ تعداد سكانها الآن ما يزيد عن التسعة ملايين نسمة من جميع أنحاء المعمورة يمكنهم الحياة بشكل طبيعي وكامل علي سطح هذا الكوكب .. أقصد العالم .

إنها الحياة الموازية التي تتيح لمستخدمي الانترنت إنتاج نسخة رقمية جديدة من الإنسان ولا يعتمد هذا العالم على جذب المزيد من السكان فقط يومياً بل ويعمل على جذب الشركات والمؤسسات الكبرى للاندماج في هذا العالم الرقمي فالانترنت لم يعد مصدرا للمعلومات كما كان في البداية بل أصبح البعض يستخدمه كوطن ويمتلك سكان هذا العالم الساحر المال الخاص بهم الذي يمكن تحويله إلى دولار أميركي كما يمكنهم تكوين الصداقات وممارسة الرياضات المختلفة ومشاهدة الأفلام ويملكون إمكانية التحليق بالطائرات من مكان إلى آخر والسير تحت الماء .. إنه العالم الآخر أو العالم الموازى الذي طالما شغلنا ونحن صغار هل هناك حياة ثانية موازية ؟ .. هل هناك بشر آخرين يقوموا بنفس أعمالنا ويحيون مثلنا؟.

عالم ثلاثي الأبعاد.. الناس تتحول إلى شخصيات رقمية

كانت العوالم الافتراضية منذ سنوات معدودة ترتبط بالألعاب والتسلية ولكنها الآن أصبحت أمراً واقعا تجسد عالما ثلاثي الأبعاد.. عالما حقيقياً متكاملاًً من البشر والبنايات والمصانع والمنتجعات والجامعات والمتاجر والملاهي والجزر والبشر يتعايشوا من خلاله ويتاجروا ويعقدوا الاجتماعات وينظموا المعارض ويقيموا المؤتمرات الصحفية .. إنها تلك الحياة التي أطلقها العالم "فليب ليندن" عام 2003 من مختبره الشهير في ولاية سان فرانسيسكو حيث يبدأ المشترك باستنساخ شخصيته في الحياة الثانية بالتسجيل ليصبح أفاتار "avatar" وهي كلمة هندية معناها التجسد .. ثم يبدأ المتجسد تعلم المشي والحركة تماما كطفل صغير ثم سرعان ما يذوب وسط هذا العالم الساحر.

اعتبار الحياة الثانية مجرد حياة افتراضية لم يعد مقبولاً على الإطلاق فلقد انتشرت بها المعارك السياسية وكانت الانتخابات الفرنسية الأخيرة خير شاهد حيث احتدم الجدل بين أنصار نيكولا ساركوزي وسيجولين رويال في هذا العالم .. كما افتتحت هيلاري كلينتون التي تسعى للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية مركزا انتخابيا لها في الحياة الثانية .. كما أقامت أكثر من 60 جامعة فروعا لها في الحياة الثانية .. ويستعد المركز الثقافي البريطاني لشراء ثلاث جزر لتعليم اللغة الانجليزية في الحياة الثانية .. كما وقعت عدة هجمات استشهادية في الحياة الثانية باستخدام قنابل نووية افتراضية وأعلنت مجموعة تطلق على نفسها "جيش تحرير الحياة الثانية " مسؤوليتها عن تلك الهجمات وقالت إن هدفها هو الإطاحة بالحكومة الفاشية للشركة التي تدير الموقع وإقامة نظام ديمقراطي في الحياة الثانية.

الحياة الثانية لم تخل أيضا من مختلف أشكال الجريمة كما هو الحال في حياتنا فيوجد هناك من يتعاطي المخدرات هناك ومن يغازل النساء .. ومنذ أسابيع اعتقلت الشرطة اليابانية رجلا كان يبيع مسروقات افتراضية مقابل أموال دولارات حقيقية .. كما فتحت الشرطة البلجيكية مؤخرا تحقيقا في جريمة اغتصاب افتراضية وقعت في الحياة الثانية .

الحياة الثانية .. اقتصاد واعد

حققت الحياة الثانية ناتج قومي إجمالي بلغ 64 مليون دولار أمريكي عام 2006 حيث تدر عائدات كبيرة على مختبرات ليندين عن طريق تأجير الأرض للمستأجرين بمعدل 20 دولارا في الشهر للفدان الواحد من الأرض و 195 دولارا شهريا لاستئجار جزيرة خاصة من المساحة الكلية لهذا العالم التي تبلغ نحو 60 ألف فدان أي ما يعادل 59 ميلا مربعا من عالمنا .. كما تستفيد المختبرات من تحويل الدولار الأميركي إلى دولارات ليندين حيث يعادل الدولار الأمريكي 400 دولار ليندين .. ويكلف أحد قطع الملابس مثل التي شيرت ما يعادل 200 دولار ليندين" نصف دولار أميركي" ومن أجل هذا قامت لجنة من الكونغرس الأميركي بمناقشة إمكانية خضوع الدخول الافتراضية إلى الضرائب.

وعلى الرغم من انه لم تكن هناك سوى شركة واحدة من العالم الخارجي تتواجد في هذا العالم الرقمي منذ أشهر قليلة لكن الآن أكثر من 40 شركة لها مشاريع هناك و العشرات من الشركات الأخرى تدرس مسألة الانضمام إلى هذا العالم المذهل .. ففي العالم الرقمي يمكن لأي شركة عمل حملة إعلانات خاصة بها عن طريق شراء جزيرة مقابل 1250 دولارا وإيجار 195 دولار شهريا وكل ما تحتاجه الشركة بعد ذلك هو قيام بعض المبرمجين بتصميم الحملة الإعلانية التي تجذب انتباه مواطني هذا العالم والتي يجب أن تكون ذات مواصفات خاصة جدا وتدر أرباح هائلة مما استهوى الشركات الكبيرة مثل نايك وريبوك وشجعها على شراء محلات لها لبيع منتجاتها داخل هذا العالم ولعمل إعلانات لبضاعتها في عالمنا أيضاً و قامت IBM الشهيرة في عالم الكمبيوتر بعمل تقليد جديد وذلك بعقد اجتماع لجميع موظفيها في العالم الافتراضي.

يبلغ معدل إنفاق مواطني الحياة الثانية 350 ألف دولار يومياً أي ما يعادل 130 مليون دولار سنوياً ويستطيع جميع السكان شراء وبيع السلع والخدمات باستخدام عملة هذا العالم وهي " دولارات ليندن" ويتيح السوق الافتراضي للمستخدمين تحويل العملة إلى دولارات أمريكية حقيقية مما يمكن المستخدمين من تحقيق أرباح حقيقية من أنشطتهم الافتراضية .. و توجد هنالك بورصة للأوراق المالية الافتراضية أطلق عليها اسم (لينديكس) يتم فيها المتاجرة بالدولارات الأمريكية ويحرص المختبر على ثبات أسعار تحويل العملة بقدر الإمكان في البورصة الافتراضية بنفس الطريقة التي تحرص فيها معظم الدول وتماشيا مع سياسة الاقتصاد العالمي وكما يحدث في البنك المركزي الحقيقي يتم ضخ الأموال في اقتصاد العالم الافتراضي وأحيانا تسحب منه .

أما المذهل فهو أن سياسات مختبر ليندن تتفق في مع المبادئ الاقتصادية الحديثة فيما يتعلق بمسألة تحجيم التضخم ويحاول المختبر تشكيل سياسة نقدية خاصة بالعالم الافتراضي وتطبيق كافة النظريات الحديثة المتعلقة بالاقتصاد الكلي والجزئي ويمتاز الاقتصاد في الحياة الثانية بالتنافسية التي تعتمد على آلية العرض والطلب تماما كما يحدث في أي اقتصاد حقيقي بل إنه يتم توزيع عوائد السندات والأسهم بشكل أسبوعي على حاملي الأسهم ويمتاز اقتصاد الحياة الثانية بحيوية غير طبيعية قد تكون بسبب ذكاء مواطنيه.

الزحف إلى العالم الموازي

استقطب مشروع الحياة الثانية كبرى الشركات العالمية مثل تويوتا وصن ميكروسيستمز وشركة أخبار التكنولوجيا سي نيت و شركة أديداس وأميريكان أباريل ببيع الملابس والإكسسوارات للاعبين كما قامت سلسلة فنادق ستاروود ببناء سلسلة فنادقها الجديدة " شاهق " في مشروع الحياة الثانية والتي تعتزم افتتاحها في العالم الحقيقي عام 2008 وإلى جانب رويترز كانت بي بي سي من المؤسسات الإعلامية التي أبدت اهتماما بالحياة الثانية فنظمت مهرجانا موسيقيا هناك حضره نحو 200 ألف شخص كما بثت بي بي سي إحدى حلقات "برنامج المال" في دار سينما ريفرس ران ريد في الحياة الثانية في نفس وقت عرضه على قناة بي بي سي الثانية وهناك أيضا قناة سكاي نيوز و لها جزيرتها الافتراضية المطابقة تماما لمواصفات الأستوديو الخاص بها في الواقع.

باختصار فإن هذا العالم الافتراضي يتوسع كل يوم ويجذب إليه شرائح متعددة من البشر من عالمنا وأعداده فى تزايد مستمر وأصبح يشكل ما يشبه العالم الموازي لعالمنا وما علينا إلا الدخول إلى موقع الحياة الثانية "
www.secondlife.com " ثم التسجيل مجاناً وبعدها نتمكن من تحميل البرنامج الخاص والتحول إلى أفاتار .. ويتطلب الدخول إلى الحياة الثانية حد أدنى من متطلبات التشغيل للأجهزة الشخصية (pc) أولها اتصال سريع بالإنترنت عن طريق دي إس إل أو كيبل مع نظام تشغيل ويندوز إكس بي مع puk 2 بالإضافة الى معالج بسرعة 800 ميغاهيرتز و بنتيوم 3 أو أثلون أو نوع أكثر تطوراً .. وذاكرة 256 ميغابايت أو أكثر .. ويجب أن توجد بطاقة جرافيكس nVidia GeForce 2 أو GeForce 4mx أو أفضل منهما أو ATI Radeon 8500 أو 9250 أو أفضل منهما.

يا له من إحساس غريب وأنت تتحرك بداخل هذا العالم الموازي .. إنها تجربة مثيرة وممتعة أن تجد نفسك بعقلك وكيانك في عالم موازي بينما أنت بالفعل جالس أمام شاشة كمبيوتر .. لكن المؤكد أننا عندما ندخل هذا العالم نكتشف أن للاستنساخ أشكال أخرى .. حلال .