الأحد، 5 يوليو 2009

سعادة الدكتور السمكري

________________________
اعتاد المصريون أن يطلقوا ألقابا على الحرفيين مثل دكتور أو مهندس أو بروفيسور وذلك على سبيل الدعابة أو حتى من باب الاعتراف بتمكن ومهارة صاحب اللقب من حرفته ولكن في المطرية هناك سمكري شهير وهو الدكتور محمد حلاوة والذي يحمل بالفعل درجة الدكتوراه الأكاديمية بدرجة امتياز من معهد البحوث والدراسات العربية التابعة لجامعة الدول العربية منذ ما يربو عن العشر سنوات وكان يحلم وهو أمر طبيعي جدا بالعمل في الجامعة ولكنه وجد عملاً كمدرس مؤقت في الجامعة براتب هزيل وهو ما دفعه إلى العودة للسمكرة التي كان يتقنها ويعمل بها من أجل الإنفاق على دراسته الجامعية ثم الماجستير فالدكتوراه وهو نموذج ينفرد به المجتمع المصري دون غيره حيث لا مكان للعلم والمتعلمين ولا احترام لدرجة أو مكانة أكاديمية فالاحترام والمكانة فقط لأصحاب السلطة والنفوذ أو المال .
بلدنا تبدو الآن وكأنها تلفظ أبناءها وتدفع أغلبهم ممن لا يملكون العزيمة والإرادة ولا الرغبة بالمشاركة في صنع مستقبل أفضل إلى الحلم باليوم الذين يركبون به مركباً يبتعد عن شواطئها أو طائرة تحلق بعيد عن أجواءها بسبب الظلم والفساد والمعاناة التي يلاقونها إلى جانب قتل الطموح فيهم منذ نعومة أظفارهم مما يدفعهم إلى السفر لكي يحصلوا على حظوظهم خارج حدود الوطن الذي أضحى مسخاً بسبب عقليات الكبار المتحجرة وسيطرة السلطة الغاشمة وتبلد المعارضة التاريخية الفاشلة ولم يبق إلا بصيص أمل في غد أفضل من خلال شعاع نور ضعيف يبزغ في نهاية ممر الأمل الذي يسير فيه مجموعة من شباب مصر الذين يحلمون بأن يشاركوا في تغيير وجه بلدهم.
قصة الدكتور محمد حلاوة ليست مزحة ولا طرفة ولكنها ناقوس خطر يدق في أرجاء الوطن لكي يعيد أبناءه إلى حضنه ويعدل الموازين التي اختلت فالدكتوراه التي يشقى فيها المرء سنوات وسنوات تفرض على الدولة أن توفر له فرصة حياة كريمة لأنه اجتهد وعانى وسهر حتى يحصل على تلك المكانة الرفيعة لان أن يعود بعد ضياع سنوات العمر إلى سيرته الأولى ليجتهد ويعاني ويسهر ليس في تربيه الأجيال ولكن في سمكره السيارات وهو نموذج واحد من مئات النماذج التي تدعو للأسف في مجتمع اختلت فيه كل الموازين وضاعت القيم وتاهت الثوابت .
هوامش :-
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم ... لم يُبن ملك على جهلٍ وإقلالِ
كفاني ثراءً أنني غير جاهلٍ ... وأكثر أرباب الغنى اليوم جهالُ

ليست هناك تعليقات: