دماء أطفال ونساء متناثرة.. أشلاء بشرية مبعثرة.. بيوت مسكونة مهدمة.. مستشفيات متواضعة عاجزة.. انفجارات وأصوات نيران دائمة.. رائحة موت خانقة.. هل هناك جحيم أكبر من ذلك؟! أي من البشر يستطيع السيطرة على أعصابه وسط كل هذا العبث؟!.. لم تعد للكلمات معنى.. فقدت كل التعبيرات والهتافات قيمتها.. تحولت الكلمات إلى مجرد محاولة للتخلص من ذنب يلاحق كل منَّا وعار يطاردنا أجمعين.. حكومات وأنظمة عاجزة لا حول لها ولا قوة.. فلا هي واجهت العدوان عسكريًا بجيش عربي موحد (الحلم المستحيل) ولا ساندت وساعدت إخواننا المقاومين في غزة على مواجهة المجازر ضد الأبرياء والعزَّل بل على العكس، فقد قال (أولمرت) للصحف العبرية إن بعض أصدقاء إسرائيل أبلغوه رغبتهم في هزيمة حماس وأنهم باركوا تلك الحرب على غزة.. يا الله يا حق اللهم أرنا في كل متواطئ يومًا أسودًا من هؤلاء الفجرة الذين يخرجون على شعوبهم ليضللوها ويقسموا بأغلظ الأيمان أنهم معهم وهم مع العدو.
إن الموت والاستشهاد في سبيل الله شرف لكل مسلم (مجاهد .. مقاتل).. لكن الأطفال الصغار الأبرياء الذي مات منهم ما لا يقل عن 250 طفلاً والنساء اللاتي استشهدن بالعشرات فبأي ذنب قتلوا؟!.. ولماذا الصمت على تلك الجريمة؟! ماذا سنقول ونحن بين يدي الله عز وجل في يوم تشخص فيه الأبصار؟!.. هل سنقول إننا تركناهم في غزة يموتون بدم بارد دون حراك لأننا ضعفاء وجبناء وغير قادرين على فعل أي شيء أكثر من الشجب والاستنكار؟!.
سجِّل يا تاريخ.. اكتب يا زمان.. اشهد يا دهر.. أن (هوجو شافيز) رئيس فنزويلا فعلها وطرد السفير الإسرائيلي من بلاده بينما سفراء إسرائيل وبعثاتها الدبلوماسية يرتعون في بلادنا.. هذا الرجل في زمن التخنث يرسل رسالة إلى كل مستسلم منبطح قائلاً: أنا فعلتها قبلكم ليس من أجل عقيدة أو من أجل صداقة ولكن من أجل الإنسانية لأن قلبي لم يحتمل تلك المشاهد التي تزول منها الجبال والمجازر التي تحرك الصخر الأصم ولأن البشر في حقوقهم سواء والشعب الفلسطيني من حقه أن يحيا مثل باقي الشعوب.. لقد فعل (شافيز) ما عجز عنه ساداتنا وكبراؤنا الذين ألجمهم الصمت والرعب وكأن على رؤوسهم الطير وأخذ صبيانهم يلهثون وراء مجلس الأمن العاجز والخاضع لأمريكا الراعي الرسمي للمصالح الإسرائيلية ضد العرب والمسلمين اليائسين.. والغريب أن الموقف العربي الوحيد جاء من تلك الدولة الضعيفة الواهية التي تربطها علاقات تطبيع أيضًا مع إسرائيل لكنها أرادت أن يكون لها موقف واضح بعيدًا عن الشعارات فسحبت سفيرها من تل أبيب.. إنها موريتانيا !!.
ـ هوامش :
وفقدت يا وطني البكارة ولم يكترث أحد.. وسجلت الجريمة ضد مجهول وأسدلت الستارة.. نسيت قبائلنا أظافرها تشابهت الأنوثة والذكورة في وظائفها.. تحولت الخيول إلى حجارة.. العالم العربي يبلع حبة البث المباشر.. والعالم العربي يضحك لليهود القادمين إليه من تحت الأظافر.. والعالم العربي شطرنجٌ وأحجارٌ مبعثرةٌ وأوراقٌ تطير.. والخيل عطشى والقبائل تستجار ولا تجير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق