السبت، 17 يناير 2009

غزة وموت الضمير العربي

نقلاً عن جريدة شباب مصر
العدد 141 - 20/1/2009
_______________

العرب مازالوا منقسمين منذ اليوم الأول للعدوان على عقد قمة عربية ومختلفين حول بنود جدول أعمالها ومترددين بشأن قراراتها وهو أمر مبرر خصوصاً فى ظل حالة الضعف والاهتراء على الساحة الرسمية العربية وهو ما أفقد أى قمة عربية معناها وقيمتها وتأثيرها حتى من قبل أن تبدأ فهى تفتقد إلى أهم مقومات القدرة على الخروج بموقف إيجابى وهو (التوحد) وهذا الأمر معتاد وطبيعى لكن أن تقطع (بوليفيا) علاقاتها مع إسرائيل ويقول رئيسها ايفو موراليس "نتيجة لهذه الأعمال العنيفة المتجاهلة للحياة والإنسانية، قطعت بوليفيا العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل فهو أمر غير طبيعى على الإطلاق خصوصًا أنها ثانى دولة لاتينية تقوم بقطع العلاقات مع إسرائيل بعد فنزويلا فبماذا نصف ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الذين لم نرَ لواحد منهم تصريحًا مثل هذا؟!.. فالموضوع لا يتعلق بالإسلام والعروبة ولكنه يتعلق بالإنسانية.. فما تقوم به إسرائيل ضد الأبرياء أمر ضد الفطرة والطبيعة وضد البشرية فهى تخوض حرب إبادة تستخدم فيها الفسفور الأبيض والأسلحة الكيماوية لضرب المدنيين من الأطفال والنساء ومع ذلك فلا حراك ولا موقف لأن الضمير العربى قد مات وقلوبنا أيضًا على ما يبدو.
إن وسائل الاحتجاج كثيرة والمواقف متعددة ولكن الرغبة الحكومية العربية والإسلامية غائبة تمامًا فالمصيبة أن حسابات المصالح والمكاسب والخسائر أصبحت أهم من تلك المناظر البشعة التى نشاهدها يوميًا على الشاشات والتى تفطر القلوب حتى إن الشعوب الغربية لم تحتملها وخرجت فى مظاهرات مليونية حاشدة ضد هذا العدوان الأخرق الذى تشنه إسرائيل فى قطاع غزة وسط دعوات مضحكة لعقد قمة عربية هنا أو هناك أو عقد مشاورات باردة فى هذا البلد أو ذاك رغم علم من يدعون لتلك القمم والمشاورات أنها بلا فائدة ولا طائل من ورائها وأنها تأتى فقط كمحاولة لتجميل الوجه الرسمى الذى أصبح مشوهًا لدرجة لم يسبق لها مثيل بسبب المواقف الضعيفة والمتخاذلة، لأنهم إن لم يتحركوا بإيجابية الآن ويقطعوا العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل فى ظل هذا العدوان الغاشم على غزة بكل الأسلحة المحرمة دوليًا فمتى سيفعلون؟!.
الأغرب من هذا هو التراشق بالألفاظ والحروب الدبلوماسية والخلافات (العربية ـ العربية) التى تطفو على السطح مما يعمق الجراح لدى الشارع العربى الذى يحترق من أجل إخوانه وأبنائه الذين يقتلون ويقصفون وينكل بهم وسط مشاهدة (سلبية) رسمية تثير الشفقة.. كذلك التناقض الرهيب فى الأقوال بالمقارنة مع المواقف فدولة مثل قطر لم تغلق مكتب التمثيل الإسرائيلى لديها رغم دعوتها لقمة عربية طارئة وفى نفس الوقت تنتقد الموقف المصرى الذى وإن كانت هناك ملاحظات عديدة واستفهامات كثيرة حول الأداء الدبلوماسى والتعاطى الرسمى المصرى مع الأزمة إلا أننا كمصريين لا نريد الحرب ولكن نريد فقط من قيادتنا أن تستمع إلى صوت شعبها وتقوم بالحد الأدنى المطلوب وهو وقف تصدير الغاز بناء على أحكام القضاء الإدارى وتعليق العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وربطها بوقف العدوان.. فهل هذا مطلب عسير؟! .
ـ هوامش :
مهما تمادت عصبة الأنــدال لن يشعر الأحرار بالإذلال
فى كل يوم نستزيد ضراوة لن نخضع بالعنف والأهوال

ليست هناك تعليقات: